lundi 5 décembre 2011
من ينقذ لُجين من الموت بعد أن تلاعب بها السياسيون؟؟



قد يعتبر كبار المسؤولين بوزارتي الصحّة والشؤون الاجتماعية الحالة الصحيّة للطفلة لجين الغزواني ملفا للدراسة كغيره من الملفات المغبرّة بين رفوف مكاتبهم والتي لا تعدّ استعجاليه وسط ضوضاء المرحلة الانتقالية ومهرجان تشكيل الحكومة الجديدة ومقترحات الأشخاص المناسبين للحقائب المناسبة. وقد يتصوّر رجال المال والأعمال أنّ إنقاذ هذه الصغيرة المصابة بسرطان خبيث تحت رئتها اليسرى ورقة خاسرة تكلّفهم تقديم إعانات تقارب قيمتها ثمن رحلتهم للرياضة الشتوية بالخارج ولا تدرّ على حساباتهم البنكية بمرابيح لاحقة.
وربما ارتكز سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحرّ على المثل الفرنسي القائل "لا ترمي نقودك من النافذة" عندما قدمت كاتبته لزيارة لجين في منتصف الليل ووعدت عائلتها بتكفل الرياحي بكل مصاريف رحلتها الاستشفائية إلى الخارج والتي لا خيار أمامهم سواها لتتعافى ابنتهم لولا أن قيمتها تقدّر بمائتي ألف دينار تونسي وأن سليم الرياحي تراجع ونفث عهده وخذل حلم الطفلة في الشفاء وهي التي صارت تناديه "عمّو سليم".
غياب المعدّات الطبية يكلّف العائلة 200 ألف دينار
"اتصلت بي جمعية إماراتية وطلبت منّي تمكينها من كلّ الوثائق والملف الصحي لتبنّي حالة لجين، ولكنني أكّدت لهم أن ابنتي صارت في أيادي أمينة وأن رجل أعمال اسمه سليم الرياحي اتصل بنا ليتكفل بعلاجها.. قلت لهم اصرفوا المبلغ لطفل عليلٍ آخر ولم أكن أتصوّر أن الرياحي سيخذلنا بعد كلّ تلك الوعود والتأكيدات على صدق نيته في مساعدتنا". هكذا حدّثتنا نائلة والدة لجين بكل أسى عن باب الأمل الذي فُتح في وجه صغيرتها الجميل رغم ما فعله به المرض، ثم سرعان ما اقفل دون سابق إنذار أو تفسير، "اكتفى عماد قاسم كاتب سليم الرياحي بقول: توجّهوا إلى الشعب الكريم ليساعدكم".
نجيب والدها كان يتتبع خطواتها بكل حذر وهي تمرح على بساط غرفة الاستقبال ويرمقها بنظرات حبّ قد لا تستوفي اللغة عمقه وصدقه.. كلامه أحاطت به هالة من عزّة النفس والرفعة والأبوّة وهو الذي رفض التوجّه إلى البرامج التلفزية الإجتماعية لطلب العون من الشعب التونسي جازما أنّ إغاثة المريض فعل يقدم عليه الإنسان دونما حاجة إلى الأضواء. نجيب انقطع عن عمله وصار يخصّص كل وقته لابنته منذ اكتشف مرضها في شهر جوان الفارط بعد تشخيص طال أمده وكلّف الطفلة عناء تناول أدوية لا تناسب حالتها الطبية. سؤال واحد كان يكرّره كلما بادر بالكلام "هل ابنتي مواطنة تونسية كعامّة المواطنين أم لا وأين هم رجال الأعمال التونسيين والأجانب من ألمها وعذابنا وأرقنا وعجزنا؟" فهو يقرّ بأنّه يشعر بالعجز أمام فلذة كبده ويتوقّع أن يقتله تأنيب الضمير لو ازدادت حالتها توعّكا.
لم يترك جهة رسمية معنية –نظريّا- بالملفّ ولم يتوجّه لها أو يراسلها بنداء استغاثة. فقد راسل كلّ من وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل يوم 5 سبتمبر 2011 ولم يتلقّ ردّا إيجابيا ولا سلبيا إلى هذا اليوم.
أين "ملائكة الرحمة" من الرحمة؟
ورغم أن وضعية العائلة محفوفة بالمشاكل الصحية والمادية فإنهم لم ينعموا إضافة إلى كلّ ذلك بشيء من النبل والإنسانية من قبل بعض من لقّبهم العالم بـ "ملائكة الرحمة"، إذ أكّد لنا نجيب أن مراسلات الأطباء الأجانب -الذين أرادوا المساعدة ولو بالنصح وتسهيل إجراءات السفر- إلى طبيبة لجين المباشرة قوبلت بالتجاهل والغيظ الشديد "وعندما توسّلتها أن تجيبهم لأنها أدرى منّي بحالة ابنتي أجابتني بأنّهم أطباء وليسوا "حمّاصة"."
"ملائكة الرحمة" الفرنسيين لم يقلّوا "رحمة" عن التونسيين أيضا، إذ أنّهم اشترطوا دفع مبلغ 200 ألف دينار مسبقا لمعالجة لجين متذرّعين بعمليات التحيّل التي قام بها بعض المرضى التونسيين هناك عندما فرّوا من المستشفيات الفرنسية قبل سداد مستحقات الأطباء.

"الحرقة" هي الحلّ !
لجين اليوم تخضع لحصص علاج كيميائي بمستشفى صالح عزيّز بالعاصمة ومن الضروري أن تنقل إلى أحد المستشفيات الفرنسية لتقوم بعملية جراحية تخلو مستشفياتنا التونسية من معدّاتها وإطاراتها الطبية المؤهلة لمثل هذه التدخلات الجراحية رغم ما روّجه نظام بن علي من أكاذيب حول تطوّر جهاز تونس الطبي أكاديميا وتقنيا.
وإن كان عهد بن علي قد ولّى وانتهت مدّة صلوحيته، فإن الدولة التونسية مازالت قائمة ولجين منذ قذفها رحم والدتها إلى هذه الحياة وتنفست أولى نسائم هذا الوطن أضحت مواطنة تونسية ومن الواجب على هذه الدولة التي أعطتها الجنسية، بحكومتها وشعبها، أن تعيد لرئتها العليلة التنفس من جديد خاصة وأن أبواب الانتهازيين أوصدت أمام عائلتها وأنّ والدها صار يفكّر جديّا في خوض مغامرة الهجرة السرية مع ابنته طفلة الأربع سنوات اعتقادا منه أنّه لم يعد يمثّل للدولة التونسية الكثير وأن شعب ما وراء البحار يولِي المريض أكثر قيمة ويقدّم له يد العون، وإن كلّفه الأمر السجن والترحيل إلى تونس "نحرق" والمهمّ أن يعالجوا ابنتي.. وإمّا أن يعيش كلانا أو يموت كلانا".

0

Enregistrer un commentaire

مرحبا زارتنا البركة.. قول الي في قلبك الكل و اش عليك في الباقي